أستاذ الحُبِّ يستقِيل

لَيسَ لَدَيَّ دُروسٌ اَعطيها

لا في الحُبِّ و لا في الجِنس

فَنِصفَ كَلامي شَطَحاتِ خَيالْ

فَاَنا اَلعَبُ بِالكِبريتِ

و اَحرِقُ نَفسي مِثلَ جَميعَ الاَطفالْ

لا تَهتَمّي،فيما اَكتُبُ يا سَيِدَتي

فَاَنا رَجُلٌ يَزرِعُ قَمحاً فَوقَ الريحِ

و يَكتُبُ شِعراً فَوقَ الماء

و يَصنَعُ حُبّاً،مِن موسيقىٰ البَحر

و مِن رائِحَةَ العُشب و مِن اَنفاسِ الغاباتِ

لا تَهتَمّي بِاَقاصيصي

فَاَنا اَعرِفُ كَم حَرَضتُكِ

كَم وَرَطتُكِ،كَم دَوَختُكِ،

عِندَ قِرائَةِ اَشعاري

و اَنا اَعرِفُ،ماذا حَفَرَتْ لُغَتي فيكِ

و ماذا حَفَرَت كُتُبي فيكِ

و ماذا فَعَلَت في اَفكارِكِ اَفكاري

لا تَصغي لي ..لا تَصغي لي

فَاَنا رَجُلٌ خَرَبَ العالَمَ بِالكَلِماتِ

و غَيَّرَ لَونَ البَحرِ و لَونَ الاُفُقِ

و غَيَّرَ وَرَقَ الاَشجارْ

لا تَصغي لي حينَ اَقولُ

بِاَنَكِ مِن عائِلَةِ الوَرد

و مِن عائِلَةِ الاَقمارْ

فَاَنا رَجُلٌ خَطِرٌ ،خَطِرْ

يَسكُنُ يَوماً في حَيِّ النَهدَينِ

و يَوماً،في اَسنانِ الاِعصارْ

لا تَهتَمي في ثَرثَرَتي اَو فَلسَفَتي

اَو تَنخَدِعي بِبَراعاتِ حِواري

فَاَنا اَعرِفُ،كَم حَطَمتُ و كَم خَرَبتُ

و ماذا تَرَكَ العُنفُ عَلىٰ كِشميرِ يَدَيكِ

و ماذا تَرَكَت خَيلي،مِن بَصَماتٍ في شَفَتَيكِ

و ماذا تَرَكَتْ فَوقَ سَريرِكِ اَمطاري!

لا تَهتَمي

فيما قالَت صُحُفِ العالَمِ عَن اَخباري

اَو اَخبارِ فُتوحاتي

فَاَنا اَعرِفُ اَنَّ خُرافَةِ مَجدي

بُنيَت مِن اَحجارِ النَهدِ و ياقوتِ الحُلُماتِ!

يا مَن تَخلِطُ بَينَ الحُبِ و بَينَ السِحر

و بَينَ القَلبِ و بَينَ العَقل

و بَينَ نُصوصِ الشِعر

و بَينَ نُصوصَ التوراةِ

اَنا لا اَقرأُ في الفِنجان

و لا اَتنَبأُ بِالاَقدارْ

فَلا تَنشَغِلّي في تَفسيرِ نُبوئاتي

يا سَيِدَتي :كوني اِمرأَةً عاقِلَة

فَاَنا لَستُ نَبيُ الحُبِّ و لا اَتَذَكَرُ اَنّي

قَد اَنزَلتُ عَلىٰ مُعجَبَةٍ آياتي

فَاَنا نَفسي،لَستُ اُصَدِقُ آياتي!

لا تَضطَرِبي،يا سَيِدَتي

فَاَنا اَعرِفُ ماذا يَفعَلُ فيكِ العِشق

و تَفعَلُ في فَمِكِ القُبُلاتِ

و اَنا اَعرِفُ ماذا يَفعَلُ فيَّ الشِعر

و كَيفَ تُخَدِّرُني رائِحَةِ الحِبر

و يَذبَحُني سَيفُ الكَلِماتِ

كَم يُخجِلُني تاريخي

اِذ اَتَذَكَّرُ كَم مَجنوناً كُنتُ

و كَم سادياً كُنتُ و كَم شَيطاناً

حَينَ قَذَفتُكِ ذاتَ مَساءْ

مَثلَ القِطَةِ في وَسَطِ النارْ!

كَم يؤلِمُني اَن اَتَذَكَّرُ

اَنّي قَد دَحرَجتُكِ،يَوماً فَوقَ الثَلج

و يَوماً فَوقَ الجَمر

و يَوماً فَوق المَوج

و يَوماً فَوق الرَمل

و يَوماً فَوقَ البَرق

و يَوماً فَوقَ الرَعد

و يَوماًَ فَوق بَراعِمِ آذارْ

ماذا اَفعَلُ يا سَيِدَتي؟

اِنَّ ذُنوبي اَكبَرُ مِن اَن تـُحصىٰ

فَاَنا اَشعُرُ اَنَّ جَميعَ نِساءِ العالَمِ ضِدّي

في مَحكَمَةِ العِشق

و اَنَّ لا اِمرأةً في التاريخ

سَتَقبَلُ مِنّي اَعذاري

كَيفَ اُحاضِرُ في الحُريَةِ،يا سَيِدَتي؟

كَيفَ اُحاضِرُ في تَحريرِ الرأي

و في تَحريرِ الحُب

و في تَحريرِ الاَعيُنِ و الاَهداب؟

و اَنا اَحمِلُ في ميراثي

كُلَّ سُلالاتِ الاِرهاب!

لا تَنتَظِري شَيئاً مِني

فَاَنا تـَعِبٌ مِن اَخبارِ الحَربِ

و مِن اَخبارِ الحُب

و مِن اَخبارِ بُطولاتي

و اَنا تـَعِبٌ مِن تَشجيرِ البَحر

مِن تَجميلِ القُبح

و مِن تَحريضِ الاَمواتِ

يا سَيِدَتي :لا تَنتَظِري الثَورَةَ مِني

فَاَنا اَشعُرُ اَنَّكِ آخِرُ ثَوراتي

نزار القباني-


2 Kudos

Comments

Displaying 0 of 0 comments ( View all | Add Comment )